بسم الله الرحمن الرحيم
محاضرة فى التربية
الحمد الله رب العالمين نبتدى باسمه ونستعين به ونصلى على سيدنا محمد خير من عرف ربه ؛ فشرح الله صدره ورفع ذكره وأعلى قدره وأدبه فأحسن تأديبه وبعد :-
فهذه خواطر فى التربية تعد زاداً ولبنة فى بناء المجتمع الصحيح نسأل الله فبها الهداية والتوفيق وهو من وراء القصد وماتوفيقى إلا بالله .
عوامل التربية :-
المرحلة الأولى : البيت
إن الأمم المتقدمة تهتم بتربية أبنائها وتنهض بشبابها , وأطفال اليوم هم شباب الغد , والشباب هم سواعد الأمة إذا ما صلح أمره وحسن توجيهه وسمت تربيته سعدت بذلك الأمم .
والبيت فى الواقع مصدر لعاملين أساسيين فى التربية :-
1) عامل الوراثة .
2) عامل البيئة الخاصة .
لهذا عنى الدين ببناء البيت على أسس كريمة :-
أ- اختيار الزوجة :- (( تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك )) .
(( تخيروا لنطفكم فإن العرق نزاع )) .
(( إياكم وخضراء الدمن . قيل ما خضراء الدمن قال المرأة الحسناء فى المنبت السوء )) .
(( لا تتزوجوا الحمقاء فإن صحبتها بلاء وفى ولدها ضياع )) .
ب- اختيار الزوج :-
(( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم )) .
(( إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد عريض )) .
(( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء )) ... الأية .
ت- عناية الدين بالاسرة :-
1. حق الزوجة على زوجها :- (( وعاشروهن بالمعروف )) .
(( أكمل المؤمنين إيمانا أحسهم خلقا )) .
(( وخياركم خيارهم لنسائهم )) .
(( وقال عليه السلام خيركم خيركم لآهله وأنا خيركم لآهلى )) .
2. حق الزوج :- (( أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة )) .
(( لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها )) .
(( لايحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن فى بيته إلا بأذنه )) كما بين الإسلام :-
أ- حقوق الوالدين :- (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )) .
ب- حقوق الآيناء على الآباء :-
(( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )) .
ت- حقوق ذوى القربى :-
(( واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام )) .
ث- حقوق الجار:-
(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخرفلا يؤذ جاره )) .
(( مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) .
هذه هى الحياة الأسرية التى تنطلق من الأسرة الصغيرة إلى الأسرة الكبيرة إلى المجتمع كله إلى الأمة بأسرها . حياة يسودها الصفاء والوئام والسلام . (( يابنى إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهلك )) .
(( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا )) .
حياة فيها الصلح بين الناس . (( لاخير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس .... )) الآية .
(( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما )) .
إنها حياة أسرية كريمة تظللها الرحمة والمودة وهى من آيات الله .
(( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )) . الآية
وإذا كانت هذه هى الدعائم التى ينبنى عليه البيت فإن النشء فى كنف تلك الحياة يعيش فى هذا الجو وينشأ فتنعكس تلك الأضواء على سلوكه وتتكون شخصيته .
وهناك طريقتان لتربية الطفل وتهذيبه .
1. الطريقة المباشرة :- المبنيةعلى النصائح والمواعظ والإرشاد وذكر الفوائد والمضار .
2. الطريقة غير المباشرة :- هى طريقة الإيحاء بسوق الحكم والأخبار والشعر وما إلى ذلك .
هذا هو ما أهتم به علماء التربية الدينية من خلال النصائح والقصص فى تهذيب أخلاق الأطفال ومن أصول التربية الصحيحة الانتفاع بما لدى الأطفال من ميول وغرائز فطرية وقد جعلها الإسلام مسئولية واجبة التنفيذ تتمثل فى التربية الخلقية ومراعاة لأثر القدوة .
(( يا أيها الذين آمنو قوا انفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة )) .
أمثلة تطبيقية تبين إرشاد الدين فى أصول التربية :-
1- طفل يرتكب خطأ يسأله أبوه فيخاف منه وينكر . فيقول له إن صدقتنى عفوت عنك فيصدق فيعاقبه فيتأثر الطفل بعاملين :-
العامل الأول : الخوف .
العامل التانى تخويفه من عاقبة الصدق
2- صديق لوالده يطرق الباب فيقول الوالد للطفل قل لمن يطرق الباب فد خرج والدى . تعليم للكذب بطريق غير مباشر .
3- الطفل الذى يتدخل والداه فى جميع شئونه ولا يتركان له التعامل مع شخصيته .
4- الطفل المدلل تدليلا زائدا عن الحد يصبح بلا توجيه ولا إرشاد .
القواعد الدينية السليمة والصحية فى التربية :-
1- بيان العلاقة بين الوالدين والطفل :-
مراعاة الدين لعلاقة الرحمة والحنان والبر والإحسان وتوزيع العاطفة بين الأبناء من غير تفريط ولا إفراط .
قصة الأفرع بن حابس :- (( عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قبَّل النبى صلى الله عليه وسلم . الحسن بن على رضى الله عنهما فقال الأقرع بن حابس : إن لى عشرة من الولد , ما قبلت منهم أحدا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم ((من لا يرحم لا يرحم )))) .
حكاية الأعرابى مع النبى صلى الله عليه وسلم :- ((عن عائشة رضى الله عنها قالت : قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أتقبلون صبيانكم . فقال نعم . فقالوا : لكنا والله مانقبل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :آو أملك أن كان الله نزع منكم الرحمة )) .
قصة المرأة مع السيدة عائشة رضى الله عنها :- (( وعن عائشة رضى
الله عنها قالت : دخلت على امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندى شيئا غير تمرة واحدة قأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها . ثم قامت فخرجت . فدخل النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : من ابتلى من هذه البنات بشئ فأحسن إليهن كن له سترا من النار )) .
وفى رواية أخرى (( إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقتها بها من النار )) .
رحمة النبى صلى الله عليه وسلم وتخفيفه فى الصلاة لبكاء الطفل .
الدين الإسلامى وسط لا تضييق فيه ولا تفريط ولا تشديد ولا إفراط ولاتدليل يهلك ولا قسوة تحطم ولكن بالرحمة والتعليم والحنان والتوجيه والتربية والبر والشفقة والتزكية .
(( الحسن بن على وتمرة الصدقة وتربية النبى له ))
قول النبى صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وقوله : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم فى المضاجع )) .
وقوله علموا الصبى الصلاة لسبع سنين واضربوه عليها ابن عشر سنين . وتعليم النبى صلى الله عليه وسلم للصبى الذى تطيش يده فى الصحفة.
2- القدوة الصالحة :-
(( كل مولود يولد على الفطرة )) .
(( الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ )) .
(( إذا قضى أحدهم صلاته فى المسجد فليجعل لبيته نصيبا من الصلاة فإن الله جاعل فى بيته من صلاته خيرا )) وعن عبد الله بن عامر قال : (( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمى وأنا غلام فأدبرت خارجا فنادتنى أمى: ياعبد الله تعال هاك . فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم ماتعطينه ؟ قالت أعطيه تمرا قال : أما وإنك لو لم تفعلى كتبت عليك كذبة )) . إنه توجيه نبوى كريم فى حسن التربية . وجميل القدوة .
المرحلة الثانية :التفاعل الإجتماعى للنشء
ضرورة وضع الثقه بالنفس بلامغالاة - مخالطتهم فى المجلس وصحبتهم والإستماع إلى آرائهم مما يؤثر فى نضجهم الإجتماعى .
ولقد تجاوبت الصحابة رضوان الله عليهم مع توجيهات النبى صلى الله عليه وسلم .(( فعن ثابت عن أنس رضى الله عنه قال : أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا فبعثنى فى حاجة فأبطأت على أمى فلما جئت قالت ما حبسك ؟ قلت : بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت ما حاجته ؟ قلت إنها سر . قالت : لا تخبرن بسر رسول الله أحد قال أنس : والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به ياثابت )) .
اللعب المباح الذى يقره الإسلام .
الطفل وعلاج العادات السيئة ودور الأباء والأمهات والمدرسين . ومن العلاج لهذه المشاكل :-
1- إبعاد الطفل عن قرناء السوء (( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم إلى من يخالل )) .
(( إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما وأن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبا , ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة )) .
2- إبعاد الطفل عن كل مؤثر فى انحراف سلوكه .
بإحلال مكارم الأخلاق والعادات الحسنه فى سلوكه .
3- وبالتكرار تصبح الأخلاق عادة (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )) .
4- تعديل السلوك مع الطفل إن كان فى السلوك خطأ تربويا بإشغال وقت فراغه وتعليمه أمور الدين فى سهولة ويسر وتحفيظه القرآن الكريم وإعطائه الفرصه للرياضة و استخدام القصص المشوقة والواعظة .
5- تعليم النشء الآداب الاجتماعية كالاستئذان والسلام واحترام الكبير وتعليمهم بعض الأعمال التى تنفعهم فى الدين والدنيا كالحرفة والعمل اليدوى .
وأخيرا إن تنمية الطفل أو النشئ بصفة عامة يركز على العناية بأمور ثلاثة وهى :-
البدن , والعقل , الروح
على أساس من روح المعرفة الحقة فمن صحة البدن يكون العمل والإنتاج وفى قوة العقل يكون العلم والثقافة والازدهار يضيئ كل ذلك صفاء الروح ونور الإشراق وضياء الإيمان وتقوى الله عزوجل .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعدها : الشيخ شحاته
كتبها : أيمن شحاته
موضوع: محاضرة فى التربية 
الإثنين يناير 11, 2016 8:58 pm