الخطبة السابعة ( المستظلون بظل الرحمن )
الجزء الأول
الحمد لله الذى أراد فقدر وملك فقهر وخلق وأمر، وعُبِد سبحانه فأثاب وشكر وعُصِى فعذب وغفر ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له خضع كل شئ لعظمته وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صفوة الخلق والبشر اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :-فيقول تعالى " ولمن خاف مقام ربه جنتان " أيها المسلمون الخوف عبارة عن تألم القلب وإحتراق نياطه بسبب توقع مكروه فى الاستقبال ، وهو سوط الله يُقوِّم به الشاردين عن بابه وعلى قدر العلم بالله ومعرفة العبد بنفسه يكون الخوف وتكون الخشية كما قال صلى الله عليه وسلم " والله إنى أعلمكم بالله وأشدكم خشية ، وقد ورد فى الخوف من الآيات والأحاديث الكثير قال تعالى " فإياى فارهبون " وقال سبحانه " إن بطش ربك لشديد " وقال عز وجل ويحذركم الله نفسه وقال صلى الله عليه وسلم " من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة ".
ومعنى أدلج سارع فى طاعة الله تعالى وعن عائشة رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة قلت ، يا رسول الله الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال يا عائشة الأمر أشد عن أن يهمهم ذلك " وروى أحمد والترمذى عن عائشة قالت يا رسول الله يقول الله تعالى " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة " " أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي، وَيَسْرِقُ، وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ، قَالَ: لاَ، يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُ، وَيُصَلِّي، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لاَ يُتَقَبَّلَ منه " ومن قدر على قهر نفسه وهواها وأخلص العمل من شوائب الرياء والنفاق كان معدودا من السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لاظل إلا ظله فى ظل عرشه يوم تدنو الشمس من الرؤوس ويأخذ الطين بمخانق النفوس ويسيل العرق من وهج الشمس وحر الأنفاس فيلجم من فى المحشر من الناس ولا ينجو من هول المحشر ولا يسلم من الفزع الأكبر إلا المستظلون بظل الرحمن من إمام عادل فى أحكامه ومثله شاب نشأ فى عبادة ربه ودام على طاعته ورجل قلبه معلق بالمساجد يعمرها بذكر الله ويصلى الجماعة فيها ، ورجلان تحابا فى الله أجتمعا عليه وتفرقا عليه وأحب كل منهما صاحبه ولم يقطعا المحبة لأمر دنيوى قال صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالى ؟ اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلى " ومن السبعة ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ـــ بعيدا عن الخلق ـــ ففاضت عيناه .
قال صلى الله عليه وسلم :" لا يلج الناررجل يبكى من خشية الله حتى يعود اللبن إلى الضرع ولا يجتمع غبار فى سبيل الله ودخان جهنم " رواه الترمذى وقال حسن صحيح
ومن الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله رجل "دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال إنى أخاف الله رب العالمين" وقد وردت أحاديث كثيرة تفيد أن المستظلين بظل الرحمن أكثر من السبعة الذين ذكروا وتتبعها بعضهم فبلغت السبعين نرجو الله تعالى أن نعود إلى ذكرها فى الخطبة القادمة ليشتاق المؤمن إلى الظل الظليل يوم القيامة حيث يقول سبحانه " والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا"
ويقول تعالى "تجرى من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها" وقوله تعالى "هم وأزواجهم فى ظلال على الأرائك متكئون " ويقول تعالى "إن المتقين فى ظلال وعيون" ويقول تعالى " ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا". وقوله تعالى "فى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود" يامن تشتاقون إلى ظل الله يوم لاظل إلا ظله اعملوا . وجدوا وشمروا, وأعدوا العدة ليوم الحساب والجزاء قال صلى الله عليه وسلم : "من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة" أقول قولى هذا وأستغفر الله العظيم لى ولكم ولسائر المسلمين .
...
الجمعة 5 من شوال 1430هـ
25 من سبتمبر 2009 م
مسجد أم المؤمنين عائشة – حى الزيتون – بنغازى – ليبيا .
((( الشيخ شحاته محمد محمد العوجى )))
موضوع: الخطبة السابعة ( المستظلون بظل الرحمن ) الجزء الأول 
الأربعاء نوفمبر 13, 2013 7:24 pm